دعوة لتعزيز مكانة اللغة العربية وتشجيع إصدار كتب للأطفال

نظّم ملتقى الناشرين والموزّعين القطريين جلسة حوارية حول دور النّشر في تعزيز اللّغة العربية تحت شعار “لغة التّواصل الحضاري”،  يوم الإثنين الموافق لـ 6 يونيو 2022 وذلك بمقر وزارة الثقافة. وحضر الجلسة الحوارية عدد من سفراء دول ذات علاقة حتمية باللغة العربية وكذلك بعض المثقّفين والمفكّرين والنّاشرين القطريّين.

وافتتح السيد/ رياض أحمد ياسين، مدير ملتقى الناشرين والموزّعين القطريين، الجلسة بكلمة رحّب فيها بالحضور الكريم ودعا الجميع إلى التحاور وتبادل الأفكار للخروج بتوصيات من شأنها أن تعزّز مكانة اللغة العربية.

وانتقلت الكلمة بعد ذلك للسيد/ إبراهيم السيد، نائب رئيس اتحاد النّاشرين العرب ومدير دار الوتد، والذي تحدث خلالها عن بداية دُور النشر القطرية منذ حوالي خمس سنوات، والتي تميّزت بقدرتها على إنتاج عدد كبير من الكتب الصادرة باللغة العربية مع لغات أخرى بالتوازي. كما أشار السيد/ إبراهيم السيد إلى أهمية الأعوام الثقافية في دفع العلاقات الثقافية بين دولة قطر والدول الأخرى، وإيجاد فرص أكبر للتعاون خاصة في مجال الترجمة. وأكّد أيضًا على أهمية الشّراكة بين دُور النّشر القطرية وسفارات الدّول الصديقة الموجودة في الدولة لإصدار منتجات ثقافية من شأنها أن تنفع القارئ، آملًا أن تكون هذه الجلسة النقاشية نقطة انطلاق تشجّع هذا التعاون.

وأخذ السيد/ بشار شبارو، الرئيس التنفيذي لدار جامعة حمد بن خليفة للنشر، الكلمة ليسلّط الضوء على أهمية برنامج زمالة للنّاشرين من تبادل للحقوق في مجال الترجمة، وهي خطوة أولى لفتح باب للتّعاون مع ممثّلي السفارات والملاحق الثّقافيّة. كما أشار إلى المعادلة الصّعبة بين الجانب التجاري والثقافي حين تعمل الدار على توفير مادة باللغة العربية لغير الناطقين بها. ويرى السيد/ بشار شبارو في هذا السياق أن الأمل يبقى موجودًا لنجاح العمل على الكتب الصادرة لغير الناطقين باللغة العربية. وأوصى الرئيس التنفيذي لدار جامعة حمد للنشر على أهمية تشجيع بداية العمل على كتب الأطفال والناشئة لترغيبهم على القراءة باللغة العربية وهو ما من شأنه أن يعزّز روح الانتماء لديهم للثقافة العربية الإسلامية.

كما أدلى السادة ممثّلو السفارات بتجاربهم وآرائهم في مسألة تعزيز اللغة العربية وقد تنوعت مداخلاتهم، حيث قال السيد/ عبد اللطيف عبد الله، نائب رئيس الجالية المسلمة الهندية، إنه من الضروري أن يتمّ توحيد المناهج المقدمة للجاليات الراغبة في تعلّم اللغة العربية. وأضاف أن السفارة الهندية قد قامت بترجمة أعمال لمؤلفين قطريين، وهي الآن تعمل على ترجمة أعمال أخرى من اللغة العربية إلى اللغة الهندية، وهو ما من شأنه أن يعرف بالثقافة القطرية إلى الجالية الهندية.

وشارك السيد/ توماس أجانق مشيك، الوزير المفوَّض بجمهورية جنوب السودان، بمداخلة سريعة تطرّق خلالها إلى ثراء اللغة العربية وضرورة دعم الطباعة وأسعار الكتب لتصل الكتب إلى أكبر عدد ممكن من القرَّاء.

ومن ناحيته تحدّث الدكتور عبد الرحمن كان، الملحق الثقافي لجمهورية السنغال، عن تشبّثَ الشعب السنغالي باللغة العربية، حيث أنّ كل العلوم الإسلامية تُدرَّس باللغة العربية وحتى اللغات الإفريقية الأخرى الموجودة في السنغال فإنها مكتوبة بالحروف العربية. وأشار الدكتور عبد الرحمن إلى العوائق التي تواجه المواطن السنغالي فيما يتعلق بتوفّر المقرّرات التعليمية والبحوث العلمية باللغة العربية، حيث قال إنها لا تُطبع باللغة العربية وهذا عائق كبير للتعلّم. وهنا أكد على أهمية دُور النشر في طباعة هذه المقررات والبحوث لتوفيرها للطلاب والباحثين والعلماء.

وتفاعل الدكتور/ مصطفى أداش، المستشار التعليمي بالسفارة التركية، مع المتحاورين مشيرًا إلى اهتمام تركيا باللغة العربية، وقد تجلّى ذلك ضمن المناهج التعليمية في المدارس التركية. كما أضاف أن المواطنين الأتراك قد استفادوا من  وجود اللاجئين السوريين في تركيا وتعلّموا بشكل أفضل اللغة العربية من خلال الاحتكاك اليومي معهم. وتحدّث في نفس السياق عن الشّراكة بين السفارة التركية وجامعة حمد بن خليفة لإرسال قرابة خمسين طالبًا سنويًّا إلى الجامعة لتعلّم اللغة العربية.

كما جاءت مداخلة ممثّل دار جامعة قطر للتأكيد على دور اللغة العربية في نشر الثقافة العربية الإسلامية، وأن لدار النشر دور فاعل في توسيع رقعة الثقافة العربية وتوصيلها إلى الآخر من خلال أعمال الترجمة المتقنة، والتي تركّز على الجانب الثقافي التوعوي وليس الجانب التجاري.

وفي نفس السياق أكد السيد/ عمر شمس الدين، ممثّل مركز وجدان الحضاري، على العلاقة الوطيدة بين اللغة والهوية الوطنية، حيث إن اللغة وعاء ثقافي تنقل ثقافة الشعوب، وهنا تكمن أهمية أن يكون هذا الوعاء سليمًا. وأوصى في هذا الإطار بأهمية تدريب وتأهيل المؤلفين في دور النشر، وذلك حسب اختصاصات أدبية معينة مثل أدب الطفل والكتابة الدرامية والقصة القصيرة وغيرها. كما أشار إلى نقطة مهمة تتعلق بالتحدّي الذي يواجه الكتاب الورقي في ظل انتشار الكتاب الرقمي في عالم التكنولوجيا الحديثة.

وتحدّث السيد/ محمد همام فكري، مدير مركز حسن بن محمد للدارسات التاريخية، عن أهمية الكتاب المسموع وترجمة الأعمال من وإلى اللغة العربية بطريقة تكون فيها الصفحة باللغة العربية مقابلها صفحة اللغة المراد الترجمة إليها.

أضافت السيدة/ أسماء الكواري، مدير دار نبجة، أن المنتج الأدبي العربي يجب أن ينافس المنتج العالمي، وذلك من خلال الارتقاء بمستوى الكتابة. كما أشارت إلى مبادرة التعاون مع سفارات الدول الصديقة في دولة قطر من أجل إنتاج أعمال جديدة تفيد الطرفين.

وأوصى الدكتور/ عبد الحق بلعابد، دكتور قضايا الأدب ومناهج الدراسات النقدية والمقارنة بجامعة قطر، بضرورة وضع إطار عربي لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها وهو ما عبّر عنه بالأمن اللغوي.

وختم السيد/ رياض أحمد ياسين، مدير ملتقى الناشرين والموزّعين القطريين، الجلسة بشكر جميع الحضور على التفاعل الإيجابي مع موضوع الجلسة والتوصيات التي تمّ تقديمها، مشيرًا إلى أهمية إقامة جلسات أخرى تفاعلية.